حيوان أليف

تلقيت من أخت كريمة رسالة طويلة تشرح بها مشكلتها لعزوف الشباب عن التقدم لأختها الكبرى حتى تجاوز سنها الأربعين وتخشى أن تلقى المصير نفسه. هذا الأمر يؤرقها ويسبب لها مشاكل عديدة مع من حولها وفي مقر عملها. ذلك أنها لا تأخذ كفايتها من ساعات النوم بالليل بسبب التفكير في العنوسة المقبلة عليها كما وصفتها فلا تنام إلا سويعات قليلة وأحياناً تواصل السهر لحين وقت الدوام الرسمي. وحيث أنها لا تأخذ كفايتها من النوم ليلا فهي بالتالي تذهب متأخرة عن ساعات الدوام الرسمي بعملها ، أما حين تواصل الليل بالنهار فإنها تكون مجهدة أثناء وقت الدوام وغالبا ما تبحث عن عذر هنا او هناك لتخرج مبكرا وتعود للبيت لتنام. قالت بأنها تنام معظم اليوم خلال الفترة الممتدة ما بين وقتي العصر و العشاء وهي بذلك تضيع صلاة المغرب وأحيانا العصر.
قالت بأنها حاولت تفادي التفكير في أمر الزوج إلا أن شبح العنوسة ما يلبث و أن يخيم بذاكرتها لتعود من جديد إلي مقارنة وضعها بوضع أختها التي تصر هي بأنها قد أصبحت عانسا من وجهة نظرها هي. توسلت كثيرا أن أجد لها حلا يخلصها من هذا الكابوس حسب وصفها.

حسنا .. مبدئياً أرى بأن هناك أكثر من مشكلة في وضعها .. فقلة النوم .. والتأخر عن الذهاب للعمل في وقت الدوام الرسمي ، والبحث عن عذر للخروج مبكرا ، ومواصلة الليل بالنهار ، والنوم مابين العصر و العشاء ، وإضاعة صلاتي العصر و المغرب كل ذلك بالتأكيد يؤثر على أداءها في العمل و في المنزل و يخلق لها مشاكل عديدة و متعددة مع كل من حولها.
اقترحت عليها أن تقتني حيوان أليف (وهذا علاج منطقي لحالتها) لأن غريزة الأمومة متأصلة بداخل كل بنت ، ألا ترى الفتاة الصغيرة في سن الثالثة وما فوق تقتنى العرائس البلاستيكية وتهتم بها أيما اهتمام بدءا من إطعامها مرورا بتغيير ملابسها وإنتهاء بإركابها في عربة صغيرة والطواف بها في ارجاء البيت؟
إن غريزة الأمومة متأصلة بداخل كل بنت وفتاة وسيدة ، وعليه فقد إقترحت عليها إقتناء حيوان أليف كقطه مثلا ، فالقطط وخصوصا القطط الرومية والفارسية تتسم بالدلال المفرط الذي يستوجب إقتناءها وبأثمان باهضة .. إلا أنها فاجأتني حين قالت بأنها تخاف من القطط و الكلاب!!..
وهذه مشكلة جديدة تنظم إلي مشاكلها السابقة فلم أضع لها إعتبار !!
حسنا .. لننسى أمر القطط .. ما زلت عند اقتراحي .. أن تقتني حيوان أليف وتعتني به وتعلمني بالنتيجة ...

بعد ما يقارب الشهرين تلقيت منها الرسالة التالية...
إستاذي الفاضل ...
لا يسعني إلا أن أشكرك وأدعوا الله أن يوفقك لقد نفذت نصيحتك و أشتريت حوض لتربية أسماك الزينة ووجدت فيها متعة لا توصف خصوصا عند مراقبتها صباحا وحين وقت إطعامها .. لقد حصلت على سمكتين في الأول ثم أضفت اليهما مثلثهما ثم أضفت أكثر حتى صار العدد يقارب العشرين سمكة وفي كل مرة أشتري حوض أكبر و زودته بجهاز لتنقية الماء و شجيرات وحصى و مواد معقمة ، في الواقع لقد أصبحت خبيرة في تربية أسماك الزينة لدرجة أنني صرت أتاجر بها أيضا .. بالنسبة لدوامي فقد ثبت والتزمت بمواعيده وأبشرك بأن أوراق ترقيتي قد رفعت للإدارة العليا الأسبوع الماضي أما ساعات نومي فقد تحسنت كثيرا كثيرا خصوصا أنني قد الغيت فترة نوم العصرية من قاموسي حيث أقضي معظم وقتي في العناية بسمكاتي العزيزات وصرت اخلد للنوم مبكرة و أصحوا مبكرة.
شكرا أستاذي وعذرا لأنني قد قلت لك أنني نادمة لتواصلي معك وطلب المشورة في مشكلتي حين أبلغتني أن حل مشكلتي يكمن في تربية حيوان اليف ؟!! .. لقد حسبت أنك تسخر مني ، إلا أنني إكتشفت أنك صادق فيما رميت اليه و أنني أنا التي كنت نادمة في عدم تجربة تربية أسماكي من قبل أن أتصل بك.

الخلاصة:
نجحت هذة الطريقة في تعديل مسار تفكير هذة الأخت الكريمة لأن دماغ المرأة مبني على نواة واحدة ، حيث أنها لا تستطيع أداء عمليتي تفكير و تنفيذ مهمة يدوية في وقت واحد ، مثلا لا يمكن للمرأه أن تقود السيارة وفي نفس الوقت تحسب سرعة عدد الكيلومترات التي تسير بها ، أو أن تتجاوز مطب او حفرة على الطريق ، وعليه ، فإن تعديل مسار تفكير تلك الأخت و إبدال تفكيرها في العنوسة إلي أداء مهمة عملية (تربية الأسماك) كفيل بإنتشالها من هاوية الوهم الذي قوقعت نفسها فيه.