خلال زيارة لبيت صديق نادى هو على أحد ابنائه المراهقين وسأله: هل طلبت من المزارع أن يسمد احواض الزهور كما بلغتك اثناء غيابي؟ ... تلعثم الفتى ثم قال.. آآآآ ... نسيت !!. فما كان من أباه إلا أن أنهمر عليه توبيخاًً وكاد أن يمد يده عليه لولا تدخلني و صديق ثالث حيث طلبنا من الفتى مغادرة الغرفة.
بعد أن هداء .. سألته: هل تعلم لماذا نسي إبنك؟ فرد: لأنه لا يهتم و يعاند فاللعب بالبلاي ستيشن هو أكثر أهمية من طلبي !!.. قلت له: لا.. إجابتك خاطئة.. ثم سألته: كم يبلغ عمر إبنه هذا وهو الكبير من الذكور ؟ فأجاب ثلاثة عشر عاما. سألته: والصغير كم عمره: أجاب تسع سنين. عظيم: سألته برغبتي في رؤية إبنه الصغير الآن. فتسائل لماذا؟ أجبته لأسأله سؤالاً ، فقال حسنا، ثم ذهب يناديه.
حين حضر الأبن ذي السنين التسع: سألته عن اسمه و عمره وأي سنه يدرس فأجابني، ثم أنني أشرت لأباه بغمزه حني يلاحظ ما سأفعله مع إبنه الصغير. سألت الأبن: حين كنت بالفسحة المدرسية قبل يومين هل شربت ماء بارد من البراد؟ ... أجاب: لا أدري .. لا أذكر. ثم سألته: غدا حين تلعب الكرة بحصة التربية البدنية (لا) تشرب ماء بارد من البراد بل اشرب ماء عادي لأن الماء البارد بعد التمرين سيجعلك تمرض. أجاب: طيب. كررت له العبارة مرة أخرى ، ثم ذكرته ثالثه قبل أن يغادر.
التفت الي أباه سائلا ماذا لاحظت على إبنك؟ .. أجاب: لاشئ .. ثم أضاف: أتظنه سيسمع كلامك في حصة البدنية ؟ سيشرب ماء بارد .. إبني و أعرفه !!نظرت اليه مبتسما.. ثم سألته هل تعرف خط الزمن؟ أجاب:لا.. ثم أضاف ربما هو شئ يختص بالماضي و المستقبل. قلت له: أحسنت: هو خط إفتراضي تسير عليه أحداث و ذكريات الشخص من الماضي للحاضر و المستقبل، ثم أردفت: هل تذكر يوم وفاة والدتك رحمها الله؟ فأجاب بالطبع ثم أخذ يسرد لي كل التفاصيل من لحظة وفاة والدته بالمستشفى إلي لحظة دفنها بالقبر. سألته: غدا يوم سبت وهناك مهام كثيرة أمامك فهل جهزت نفسك لها؟ أجاب من فوره: بالطبع هناك الأجتماع الأسبوعي في الصباح ثم الجولة الميدانية على المنشأة ثم التحضير لزيارة المدير العام ... الخ.
سألته: هل لاحظت كيف أنك تتذكر ماضيك و تخطط لمستقبلك. إذا إعلم بأن الأطفال و المراهقين لا يملكون ماضيا ولا مستقبل. تسائل متعجباً كيف ذاك ؟!! قلت له إسمع ما أقوله لك جيدا ثم هناك واجب منزلي عليك أداءه ....الأطفال و المراهقين من سن الخامسة الي سن السابعة عشر يعيشون يومهم فقط .. يعيشون حاضرهم .. خط زمنهم مستقر بالحاضر فقط لا يهتمون بالماضي ولا يعرفون المستقبل ، لهذا حين تسأل طفل في السابعة مثلا عن شئ ما معين فعله يوم امس ، سيرد عليك أنه فعل ذلك الشئ من فترة طويله لأنه لا يفرق بين الماضي البعيد و الماضي القريب لأن خط زمنه مستقر بحاضره فقط. كذلك حين تحذره من الأنتباه عند قطع الشارع كون هذا التحذير مستقبلي فإنه لن ينظر يمنه ويسره قبل قطع الشارع لأن تحذيرك له مستقبلي وهو يعيش بحاضره فقط.لذلك حين نستخدم العبارات المستقبلية مع هذه الفئة من البشر (الأطفال و المراهقين) علينا أن نستخدمها في صيغة المضارع الحاضر فبدلا من أن نقول لهم: احذر حين تعبر الشارع من السيارات ، نستعيض عنها بعبارة : اعبر الشارع بحذر . اما فيما يختص بالماضي فإن تذكيرهم بشئ ما نستخدم معه صيغة المضارع الحاضر أيضاً كأن نقول: افعل كذا الآن كما فعلته بالأمس .
حين يدرك الأباء هذه الحقيقه (خط زمن الأطفال و المراهقين يقتصر على حاضرهم فقط) فإنهم سيريحون أنفسهم و أبنائهم من عناء و مشقة عتابهم على أمور هم - أي الأبناء - لا يدركونها وليس مرد عدم سماع تنبيهات أبائهم سببه عنادهم كما يتصور الآباء ، بل يعود السبب لإفتقار هذا السن في الأبناء لعاملي الماضي و المستقبل في خط زمنهم.
حين انتهيت طلبت من الأب أداء واجبه المنزلي وهو سؤال إبنه الصغير هل شرب ماء بارد بعد حصة التربية البدنية؟ الأجابه أعرفها مسبقا ..... لا يدري . وهذا يثبت للأب مصداقية خلو خط زمن ابنه من الماضي حين طلبت من الأبن عدم شرب الماء البارد ومن المستقبل لأنه لم يتذكر طلبي بتاتا لخلو خط زمنه من عنصر المستقبل.