بعد سنين مع السيجارة اقلع عنها خلال رحلة سفر عابرة

خلال رحلة طويلة بالطائرة صدف وان جلس بجواري شاب صغير في مقتبل العمر ومنذ اللحظات الأولى للرحلة بدأت عليه علامات عدم الرضاء والضيق ، وكأنما هو لا يرغب بالسفر ، ولم أعره انتباها في البداية ، ولكن حينما زاد تأففه عن حده ، اغلقت كتابي الذي كنت اقراء فيه وبادرته بالقول: رحلة طويله .. إيه؟ ، رد طويله وممله جدا بدون سيجارة!! .. أهااا.. إذا هذا الذي كان يضايقه ، منع التدخين بالطائرة ، والرحلة الطويله بلا سيجارة.

بادرته ، منذ متى وانت تدخن ، ورغم حداثة سنه رد: من زمااان ، وكم سيجارة تدخن باليوم ؟ ، رد: بكيت واحد او اقل ، عشرون سيجارة في مدى ثمانية عشر ساعة على اعتبار انه ينام ستة ساعات باليوم ، اي بمعدل سيجارة واحدة لكل ساعة تقريبا.

إن عملية التوقف عن التدخين لفترة تزيد عن الخمس ساعات هي رحلة الطائرة لهذا الشاب معناها الهلاك في نظره وهو الذي تعود على إشعال سيجاره واحدة في كل ساعة ولكنها بالنسبة لي كمدرب في البرمجة اللغوية العصبية والتطوير الذاتي اجدها فرصة لتخليصة من هذة السموم بطريقة غير تقليدية ودون ان افعل ذلك بشكل مباشر لأن عقلة الواعي لن يستجيب خصوصا في هذة الحالة (حالة منع التدخين بالطائرة) ، ولكن هناك العقل الباطن الذي سيسجل كل ما اقوله له دون سيطرة منه وهذا هو سبيلي للدخول.

بادرت جليسي ما الذي تفضله في الطعام؟ اجاب: الجمبري مع البطاطا المقلية ، سألته لنفرض أن الجمبري قد انقرض ولم يعد له وجود بالبحر ، فما الذي ستفضله من الأطعمة البحرية ؟ أجاب بسرعة: طبعا سمك الشعور ، ممتاز ، هذا يعني ان هناك بديل.

إن فكرة التغيير تنشأ من البحث عن البدائل ، فإذا كنت تفضل دائما الجمبري فإنك ستحصل دائما على ماتفضله ، وإذا لم توفق في الحصول عليه ، فإنك ستتجه ناحية سمك الشعور ، فأنت في هذه الحالة تفعل دائما ما اعتدت على فعله ولذا ستحصل دائما على ما اعتدت الحصول عليه ، وإذا لم توفق فيما تفعله فأفعل شيئا آخر ، وكلما كان لديك المزيد من الخيارات ، زادت بالتالي فرصة النجاح والطريقة التي تعمل بها هذه المهارات معا تشبه الي حد ما الذي يحدث حينما تستخدم اداة او جهاز جديد لأول مرة ، فأنت تقراء التعليمات المرفقة اولا وهذا هو الهدف او الحصيلة الأولية ، ثم تجرب اداء التعليمات بالتطبيق العملي على الجهاز وهذا هو الأستعمال الأمثل للحواس ، واثناء عملك تقارن التعيمات التي تنتجها على الجهاز ، فإذا وجدت انك انحرفت عن المسار الصحيح تقوم بتعديل التعليمه وتكرر هذه الدورة حتى تتقن اداء كل الجهاز وتصل بالتالي الي اهدافك دون الحاجة الي كتيب التعليمات. وبعد ذلك تبداء في صقل موهبتك واستحداث طرق جديده نابعة من ذاتك لتشغيل الجهاز لم يتم ذكرها بكتيب التشغيل .

حين شرحت لجليسي ماذكرته اعلاه ، قلت له فجأه وبطريقة مباغته: فكر للحظات في حيوان القردة ، ثم اردفت ، الآن توقف عن التفكير في القرد لحين تجاوز السحب (كنا نطير فوق كتل بيضاء من السحب) ، لا تدع القرد يمر بخاطرك في خلال تجاوزنا للسحب ... ممتاز ، الآن فكر فيما ستفعله غدا "قلت لجليسي" ، أجاب: اوووه ، هناك الكثير يجب أن انجزه غدا إن شاء الله.

توضح هذه الحيله حقيقة أن العقل لا يستطيع أن يفهم اية فكرة سلبية إلا بتحويلها إلي قكرة إيجابية ، فلكي تتخلص من تلك الفكرة الملحة بشأن القرد ، يتعين عليك أن تفكر بشئ آخر على أن يكون ايجابيا "ما ستفعله غدا" ، أما فترة المرور فوق السحب فهي لإعطاء الدماغ بعض الوقت للتخلص من التفكير السلبي بالقرد. ولكي تتجنب شيئا ما يتعين عليك اولا أن تعرف ماهية الشئ الذي تتجنبه ، وأن تركز انتباهك عليه ، وعليك أن تفكر مليا في هذا الشئ حتى تعرف تحديدا اي جوانبه التي يمكنك ألا تفكر فيها تماما مثلما يتعين عليك أن تركز بصرك على احد الأشياء حتى لا ترتطم به اثناء سيرك ، وايا كان ما تقاومه فأنه يصر هو الآخر على مقاومتك ، وهذا هو احد الأسباب التي تجعل الأقلاع عن التدخين مهمة شاقة ، فرغبتك في الأقلاع عنه تجعلك دون أن تشعر تفكر فيه باستمرار.

إنتهت رحلتنا الطويلة ووصلنا للمطار وطلب جليسي كرتي الشخصي فناولته له ثم افترقنا لتمر فترة ثلاثة أشهر او أكثر واليوم حينما فتحت بريدي الأليكتروني ، وجدت رسالة معبرة منه مليئة بكل انواع العواطف الإيجابية ، نعم .. لقد تغلب جليسي على نفسه بالتفكير الإيجابي وحول عادته السيئة من التدخين إلي الخروج للبحر وصيد السمك بالسنارة كهواية بديلة عن التدخين يعشقها و يفكر فيها بأستمرار.